صرخة العدد 222-223/يوليوز-غشت 2019/2969

قدم السيد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، يوم الخميس 04 يوليوز الجاري، تقريرا حول «أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان»، وهو التقرير الذي لا يختلف اثنان عن عدم نزاهته وعدم حياديته. تقرير يحابي السلطة الأمنية بشكل مفضوح من طرف أحد أبرز مؤسسي هيئة الإنصاف والمصالحة، تقرير يعكس توجه الدولة المركزية المبني عبر التاريخ على العنف والتسلط والقسوة ضد سكان الهوامش. تقرير يجانب الصواب والحقيقة، الغرض منه، شرعنة عنف القوات العمومية أثناء مواجهتها للسكان في منازلهم، والفيديوهات والصور شاهدة على ذلك.

تقرير يبرر التهم الموجهة لقيادات الحراك الشعبي الذي عاشته منطقة الريف، ويشرعن بالتالي الأحكام القاسية والمجحفة في حقهم، والتي وصلت إلى عشرين سنة سجنا نافذة، وما أثار انتباهنا في هذا التقرير هو ما قاله السيد المندوب من أن «الدولة احتضنت حراك الريف» وبهذه المناسبة لا أريد أن تفوتني الفرصة لأقول للسيد بنيوب، إن الدولة المغربية كان حري عليها أن تحتضن أبناء وبنات الريف أما حراك الريف فقد احتضنته الجماهير الشعبية التي التحقت به من كل صوب فعليا بالحضور ومعنويا بالتضامن والمساندة، وكان لزاما على الدولة المغربية بكل مؤسساتها بدون استثناء، من رئاسة الدولة إلى رئاسة أصغر جماعة أن تحتضن المواطنين وأن تستمع إلى نبض قلوبهم و معاناتهم صغارا وكبارا.

بنفس المناسبة، أذكر السيد بنيوب شوقي أنه في جل الجماعات النائية، مواطنون ينتظرون حضن الدولة التي لا تعترف بهم إلا وقت الانتخابات أو الإحصاء وكلها استحقاقات شكلية يتم عبرها وبها استغلال السكان واعتبارهم فقط أرقام لا غير. وأنا أخط هذه الاسطر، تبادر إلى ذهني حالات إنسانية لم تر من هذه الدولة إلا القسوة والنسيان، أسرد هنا حالة شاب ينتمي إلى الجماعة التي أنتمي إليها وهي جماعة افلا يغير/ بتافراوت بإقليم تزنيت، وبالضبط «اكنان» ذلك الشاب الذي حاز شهادة الباكالوريا علوم فيزياء بتفوق كبير وانتقل إلى مدينة أكادير من أجل الولوج إلى الجامعة، ولكن نظرا لعدم توفره لا على منحة الدراسة ولا على مسكن جامعي ولا عن أي دعم مادي ولا معنوي من أي جهة كانت، أصيب بخلل عقلي جراء الظروف القاسية التي لم تسعفه لاستكمال دراسته، إنه مثال واحد لحالات كثيرة تعيش في جبال سوس وأخرى تعيش في جبال الحوز كمثال حالة توزيع منح تيسير التي استبشرت بها أسر التلاميذ خيرا، واعتقدت أنها تستطيع من خلالها مقاومة الفقر ومحاربة الهدر المدرسي الذي هو كذلك هدف الدولة، إلا أن أمل هذه الأسر خاب بعد أن تفاجأت بهزالة مبلغ الدعم الذي لم يصل حتى إلى ثمن كتاب مدرسي واحد، وهو ما اعتبرته الأسر إهانة في حقها.

حالة أخرى هذه المرة من صحراء تافيلات، وهي واقعة منع التلاميذ المتفوقين المنتمين إلى هذه الأرض الطيبة، من اجتياز المباريات لولوج المعاهد والمدارس العليا بحجة أن الجهة التي تكفلت بتنقلاتهم هدفها سياسي ايديولوجي.

فأن تمنع الدولة، بجميع أجهزتها وعبر جميع محطات الاستقبال، شباب وشابات من حقهم في اجتياز مباريات وحرمانهم من تكافؤ الفرص بينهم وباقي أقرانهم في المركز، يعتبر قمة في العنصرية والتمييز، وعوض أن تتكفل الدولة بنقل هؤلاء وغيرهم إلى المركز ومساعدتهم لاجتياز تلك المبارات أو أن تكسر حاجز المركزية الأمنية التي أسس لها البصري وتؤسس المعاهد والمدارس العليا في كل الجهات والأقاليم بمواصفات مثيلاتها في المركز لضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن، كما نص على ذلك الدستور، هاهي تحبط الأسر والأطر والتلاميذ معا وهنا نتساءل، أين حضن الدولة من كل هذا؟ ومن يحضن هؤلاء المواطنون ويصون كرامتهم؟.

في نفس السياق وعلاقة بأبناء هذه المناطق المحرومين من أبسط الحقوق استدل السيد شوقي بنيوب في جوابه عن تقرير الأمم المتحدة الخاص بالتمييز العنصري وكره الأجانب، استدل بثلاثة أسماء كونهم أمازيغ وتبعا لذلك حسب زعمه تكون تهمة العنصرية بعيدة عن المغرب.

شخصيا لا أعرف على أي معيار استند السيد بنيوب لاعتبار هذه الشخصيات أمازيغية؟ هل معيار اللغة؟ آم العرق؟ أم الأرض؟ كذلك أقول للسيد بنيوب بأن هذا القول حجة أكبر على أن المغرب بلد عنصري، ليس بأشخاصه ولكن بسياسته لأنه بالفعل كيف يمكن أن يكون رئيس الحكومة وأغلب وزراء حكومته أمازيغ من منطقة شباب وشابات لا زالوا يحرمون من المنح الدراسية ومن السكن الجامعي ومن حق تملك أراضيهم وممارسة ثقافتهم بلغتهم الأم …؟ كيف يكون رئيس جهة الحسيمة ورئيس مجلس المستشارين ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان ووزير العدل ووزير الثقافة/ الاتصال أمازيغ، من منطقة الحسيمة ويقبع خيرة شباب الريف في السجون لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بعيش كريم؟.

الجواب ببساطة هو أن سياسة الدولة يا سادة هي سياسة عنصرية تمييزية بنيت على احتقار الذات وجلدها. وما هؤلاء بدون استثناء إلا تلاميذ نجباء حفظوا الدروس، بمعنى أنهم قطعوا الواد أو نشفو الرجلين.

و قديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵉⵜⴽⴽⵙⵏ ⵜⴰⵎⵎⵏⵜ ⵉⵇⵇⴰⵏ ⴰⴷ ⵉⵍⵍⵖ ⴰⴹⴰⴹ
wanna itkksn tammnt iqqan ad illgh adad

صرخة العدد 222-223/يوليوز-غشت 2019/2969 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 278 مارس 2024/2974

المرأة نصف المجتمع، إن لم تكن المجتمع كله، نقول هذا الكلام ليس اعتباطا، بل استنادا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *