هل يمتلك مسؤولي جهة درعة تافيلالت ضميراً؟

حميد أيت علي “أفرزيز”

إذا كان الضمير فلسفيا لا يُوَرَّثُ أو يشترى بمال، بقدر ما هو مكتسب وتراكم حسب خبرة الفرد وإنسانيته، وكذا المحيط والمجتمع الذي تربى فيه، فإن الفرد الذي يمتلك الضمير يتحمل مسؤوليته، حتى يستطيع القيام بواجبه، دون تقصير أو كلل، مع شعوره بتأنيب ضميره كلما أحس أنه لم يقم بما يستوجب القيام به، حينها يمكن اللجوء لتكاثف الجهود؛ أو يختار الإنسحاب معلنا فشله وإنهزامه أمام من كلفوه بتحمل المسؤولية.

ما عيشناه ولمسناه من ضمير مواطنين بقرية امسمرير بجهة درعة تافيلالت، وهم يتجندون بعد تساقطات ثلجية وعواصف ضربت وطننا، لفك العزلة على إخوتهم المحاصرين فوق الجبال والقرى النائية، لدرس يحتاج للتمعن من طرف المسؤولين، لعلّ صعقة كهرُبائية تُوقض ضميرهم الميت.

وما لمسناه في ساكنة قرية “تيلمي”، وهم الذين وحدوا الصفوف، واتجهوا لقمم الجبال بحثا عن الرحل المفقودين وسط الثلوج، مع تنظيم تضاهرة بمركز تيلمي تندد بغياب الدولة لفك العزلة، وهذا ما إضطر معه المسؤولين إلى تحريك مروحية لإنقاذ بعض الرّحل المحاصرين؛ وكذا إسكات صوت أهل تيلمي المعروفين بشراسة نضالهم، لدرس وقيم إنسانية نبيلة، تتطلب من المسؤولين في الجهة أن يبادروا بزيارة القرية، عسى أن يمتلكوا ذرة ضمير.

وما تابعناه من تكاثف الجهود من طرف ساكنة تنغير، من توفير ملابس تقي أطفال رحل قرية تامتتوشت موجة البرد، لدرس يستحق التمعن ونرجو من مسؤولي الجهة أن يقوموا بواجبهم بدورهم حتى يستطعون كسب القليل من الجود من عند أهل تودغى و “أسيف نغريس”.

وما رصدناه من قيم نبيلة وتضامن من طرف مواطنين بجماعة الطاوس، منظمين قافلة إنسانية لفائدة رحل الهامش، وسط فيافي جهة درعة تافيلالت، لرسم إبتسامة على وجوه مواطنون لا يعرفهم مسؤولي الوطن إلا لحضة الإقتراع والإحصاء، لعمل إنساني يتطلب من مسؤولي الجهة أن ينتقلوا للمنطقة، ليدلوا بدلوهم آملين في إغْتَرِاف ذرة من الإنسانية تسقي ضميرهم، راجين أن تعود الحياة لعرق إنسانيتهم.

ما تذوقناه من حلاوة العمل الطيب لساكنة جماعة سيدي علي، وتنقلهم عبر قافلة الكرامة لأطفال الرحل، وسط تضاريس وعرة بحثا عن رُحَّلِ الحدود المغربية الجزائرية، لإحتضانهم وتدفئة أجسادهم التي نخرتها الأمراض والداء الخبيث “الليشمانيا”، لجهد إنساني نحُث فيه مسؤولي جهة درعة تافيلالت أن يتعلموا معنى التضحيات والكرم والجود لدى أمازيغ المنطقة.

لقد إبتلى المواطنون بمسؤولين في الجهة ممّن كلفوهم بتسيير الأمور وتوفير مشاريع لفك العزلة، والسير بالمغرب نحو المستقبل والإزدهار، إلا أنهم تنكروا للمواطنين واكتفوا بجيوبهم بعد أن فقدوا ضميرا يحثهم على تحمل المسؤولية بجدية وتفاني في العمل. وتراني لم أسمي أحدا أو أشير له بالأصبع بقدر ما أضع بين يديه المثل الأمازيغي الذي يقول
“tiɣirdmt xf iɣf nnek abu tfunast”

شاهد أيضاً

امحمد القاضي

الأنشطة الشبابية والنسوية المدرة للدخل: قاطرة التنمية لحفظ الكرامة ببوادي سوس – أيت عبد الله نموذجا

ساكنة جبال سوس مرابطة بالبوادي وسط طبيعة جافة قاسية نظرا لتعاقب سنوات الجفاف لعقود من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *