الناشطة الكوردية ليلى خالد لـ «العالم الأمازيغي»: سقوط المرأة يعني سقوط وانهيار الإنسانية والشعوب

اعتبرت الناشطة السياسية الكوردية، ليلى خالد في حوار مع «العالم الأمازيغي» أن أي «انكسار أو سقوط للمرأة يعني سقوط دواعم الطبيعة وانهيار الإنسانية والشعوب»، مشيرة إلى أن «المرأة الكردية منفتحة على الحياة بشكل كبير، فهي حافظت على ثقافتها ولغتها منذ البدايات ولم تقيل أن تنحل وتقاد خانعة مستعبدة، كافحت وناضلت مطالبة بحياة حرة ندية مبنية على أسس العدالة والمساواة».

وأشارت السياسية الكوردية، إلى أن «النصيب الأكبر من المآسي والعنف كان من نصيب المرأة بسبب الأزمة المستمرة في سورية، وخروج الثورة عن جوهرها الحقيقي»، مضيفة أن المرأة «عانت من تشتت العائلة وتركت وحيدة مع أولادها تحت نيران الحرب الحارقة فشردت واغتصبت واستغلت بأبشع الطرق لتسيير مصالح الجماعات المتطرفة»، وهذا ما «دفع المرأة الكردية في اخذ قرارها الحاسم بحمل ثقل تصحيح مسار هذه الأزمة على كاهلها، لذلك انخرطت تدريجيا في كل المجالات منها السياسية والإدارية والعسكرية» تورد المتحدثة.

من تكون ليلى خالد وكيف تؤدين أن تعرفي نفسك للقارئ؟

ليلى خالد كبرت في ظل عائلة بسيطة، في مجتمع ينظر للمرأة على أنها ثغرة وليست سوى محطة توقف أمام سطوة الذهنية الذكورية وسلطة الدولة والمجتمع بما ينضوي تحتها من استبداد ودكتاتورية، في مسيرتي الدراسية أتممت مرحلتين في ظروف عصيبة، طردت من المدرسة يوما بسبب تحدثي منع زميلتي بالصف، باللغة الكردية، مما أثار غضب إدارة المدرسة والتي كانت تحترف فنون العنصرية، لكن لم أتوقف فمحاولة صهري جعلت مني صقيلا أسعى لأن تكون أنا بحق دون أن امشي مع تيار يهوي بي إلى دروب مبهمة لا تعترف بهويتي .

حديثينا قليلا عن نضالك ونحن نتابعك يوميا تدافعين بصلابة عن القضية الكردية؟

ذكرت في بداية الحوار المحيط الذي ترعرعت فيه، ومن هنا قررت بإصرار أن تكون نقطة التحرر منطلقة من أسرتي الصغيرة، فكنت أم المقاتل والصحفية التي تنقل حقائق واقعنا المرير بسلبياته وايجابيته والزوجة الراعية لظروف بيتها دون أن تنسى واجبها، شربت من منابع فكر قادتي والتمست الإرادة من دماء الشهداء النبيلة لأكون المرأة الحرة في جوهري وفي تقرير مصيري، أردت أن أضع لنفسي اسما فكانت ليلى خالد المرأة التي دخلت معترك السياسة لأثبت لمجتمعي أن السياسة ليست حكرا للرجال وتستطيع أن تقود مسيرة النضال ودفة السياسة ولا سيام في قضية شعب متهالك أمام الخيانات العربية والفارسية والتركية، كانت بدايتي الانضمام لرابطة المرأة للتدريب والتوعية هنا استثقل فكري بقضايا المرأة التي تمثل في ضعفها وتهالكها صورة لوطني الجريح، فعملت على توعية المرأة في كل الجوانب الحياتية وبالتفاف الشريحة النسائية من حولي استطعت أن أتقدم بخطواتي للإمام لأشغل مقعدا في الهيئة السياسية لمجلس سوريا الديمقراطية لدورة كاملة واليوم وقف بي المطاف لأقوم بعملي الدءوب بقضايا المرأة والوطن، لأصبح عضوه في لجنة المرأة للعلاقات الدبلوماسية وكلي أمل في ربط أواصر العلاقات بشكل أقوى بيننا وبين الشعب الامازيغي العريق عامة والمرأة الامازيغية خاصة.

كيف تنظر ليلى لواقع المرأة الكردية عامة؟

المرأة الكردية بشكل عام واجهت ولا زالت تواجه السلطة الاستبدادية، والتي هي نقيض لجوهر المرأة والتي تعتمد على الفروقات الطبيعية والهرمية المتمخضة عن الدولة والجيش والتميز العنصري المرتكز على ثقافة تسلطية وذهنية دوغمائية والتي تؤثر سلبا على المجتمع، وانكسار وسقوط المرأة يعني سقوط دواعم الطبيعة وانهيار الإنسانية والشعوب، فالمرأة الكردية منفتحة على الحياة بشكل كبير، فهي حافظت على ثقافتها ولغتها منذ البدايات ولم تقيل أن تنحل وتقاد خانعة مستعبدة، كافحت وناضلت مطالبة بحياة حرة ندية مبنية على أسس العدالة والمساواة والتي عثرت عليها في إيديولوجية فليسوف العصر عبد الله أوجلان (الحرية له ولجميع المعتقلين السياسيين).

كيف تنظرين إلى بروز المرأة الكردية في التصدي للهجوم التركي بجلاء في عفرين، كما أنها في مقدمة كل المعارك والإحداث الجارية في مناطق كردستان مختلفة؟

مقاومة عفرين كما يعلم العالم أجمع، هي مقاومة العصر فما تشهدها عفرين على أرضها في الواقع هو معجزة من معجزات هذا القرن فالمرأة الكردية حملت على عاتقها المقدسة لتجعل من القرن الواحد والعشرون قرنا للمرأة، فعفرين التي تتعرض لأشرس الهجمات الوحشية من قبل الدولة التركية الفارسية ثانية اكبر دولة في حلف الناتو، عفرين التي لا تكاد ترى بالعين المجردة على الخارطة أمام خارطة تركيا الواسعة، ولكن هذه الجغرافية الصغيرة بكفاح ونضال أهلها وأبناءها على رأسها المرأة التي تشكل اصلب واكبر قوى تستطيع أن تقف وتتفوق على قوة الناتو، فتركيا بأسلحتها الحديثة وحربها المدروسة على عفرين بما تحمله من طائرات وصواريخ ومدفعية وحتى الأسلحة المحرمة دوليا المستخدمة ضد المدنيين العزل بهدف احتلال أراضيها واستقدام الغرباء على أرضنا بهدف التغير الديموغرافي الذي تسعى له غاشمة، فالمرأة في عفرين تشغل الخطوط الأمامية للتصدي لضربات العدو وتعمل في المطابخ لطهي الطعام للقوات العسكرية ونقل المواد اللوجستية التي يصعب على العربات من إيصالها إلى الخطوط الأمامية، ومنهن من يحملن السلاح لحماية الأحياء من الداخل ومنهن من انضممن للمشافي لخدمة الجرحى ومساعدتهم وأخريات يتوزعن في المؤسسات والمنازل لتامين حاجات ومستلزمات الأهالي ونقل معاناة الشعب إلى الجهات المختصة لمعالجتها وبذلك مقول أن ثورة المرأة هي ثورة الإنسانية .

معروف عن المرأة الكردية شجاعتها وبسالتها في الدفاع عن مناطق في كل الحروب التي جرت على كردستان ما السر في نظرك؟

بعد اندلاع الثورة في سوريا بتاريخ 15-3-2011 التي وجهت بالتسلح ودعم من أجندات خارجية والتدخلات من دول الرأسمالية الاحتكارية، وكل من ترك أثرا في تشويه هذه الثورة حسب مصالحه، خرجت هذه الثورة عن جوهرها الحقيقي وتحولت إلى أزمة في سوريا وكانت للمرأة النصيب الأكبر في المآسي والعنف، عانت من تشتت العائلة وتركت وحيدة مع أولادها تحت نيران الحرب الحارقة فشردت واغتصبت واستغلت بأبشع الطرق لتسيير مصالح الجماعات المتطرفة، مما دفع المرأة الكردية في اخذ قرراها الحاسم بحمل ثقل تصحيح مسار هذه الأزمة على كاهلها، لذلك انخرطت تدريجيا في كل المجالات منها السياسية والإدارية والعسكرية، لذلك قلن لا بد من تنظيم المرأة وتثقيفها، من تم تأسيس منظومة مؤتمر ستار النسائية التي تعمل على تدريب النساء إيديولوجيا لتكون قادرة على اخذ مكانها في الإدارات المشكلة ضمن جو الفوضى الحالي، وكان من المفروض تشكيل قوى عسكرية جاهزة دائما للدفاع عن المرأة بشكل عام دون أي تمييز عنصري أو عرقي أو طائفي، فالمرأة بشكل عام مضطهدة وليست فقط الكردية وفعليا كانت وحدات حماية المرأة YPJ السباقة في كل جبهات القتال الأمامية مواجهة القوى الظلامية والعقول التكفيرية والتي تهدف لتهميش دور المرأة وأزالتها من صفحة التاريخ .

كيف تنظرين إلى مستقبل القضية الكردية في سوريا ما بعد كل هذه الأحداث وللقضية الكردية عامة؟

نعم كقضية كوردية هي ألان في ذروتها، وبعد فترة وجيزة من غياب الصوت الكردي بسبب الممارسات التعسفية بحقهم، انتفض الشعب ليقف في وجه المسلحين وطغيانهم هذا ما أتاح فرصة ليدير الشعب نفسه بنفسه ويطرد أي فصيل مسلح من على أرضه، فكل الفصائل التي اقتتلت وقاتلت لم تكن تسعى لنيل حرية الشعب، لكن الشعب الكردي اتخذ مسارا ثالثا شكلت على أسس المجالس والإدارات المحلية تحت راية الديمقراطية، وكانت لجان وراء استقطاب الشعب، كلها بنعم نحن مع الأمة الديمقراطية إن احتضن الشعب لنا سواء كان كرديا، عربيا، جركسيا، سريانيا…، أي كان هو سبب نجاح مشروعنا فالشعب بات واعيا لما يجري حوله وسفك الدماء الذي جرته فصائل النظام مع المعارضة وغيره من المرتزقة ترك بصمة لن تنسى ولن تغتفر في ذاكرة الشعب.

لنتعمق قليلا في هذه النقطة كيف ترين مواقف المعارضة والنظام مع القضية الكردية؟

نعم في بادئ الأمر نحن نعلم أن الحقوق تؤخذ بالقوة لا بالتسول، فليس من الجلي لشعب مضطهد أن ينتظر نظرة ايجابية من أي طرف كان، ولكن الدولة باتت ألان مقتنعة بأننا جزء من النسيج السوري ولا يمكن إنكار وجودنا على هذه الأرض، أما الجماعات المسلحة فهي قولا واحدا أجزمت بأننا انفصاليين وتكفيريين نسعى لتجزئة سوريا ليتخذوا من الدين وسيلة في حشو عقول الناس تجاه قضيتنا، ونحن بدورنا نحاول محاربة هذي العقلية وكسر هذه الأفكار الرجعية عن طريق إثبات مصداقيتنا ولا نستطيع التعمق أكثر لان الموازيين حاليا في حالة تقلب بين الفينة والأخرى.

ما رأيك بالإدارة الذاتية أو الفدرالية للكرد في روج افا أو شمال غرب سوريا؟

إن مشروع الإدارة الذاتية في حقيقة الأمر عبارة عن خطوات عملية ملموسة ومشاريع حياتية لحل قضايا المجتمع وتلبية متطلباته بشكل عملي، فمن خلال هذه المنظومة استطاع الشعب الكردي أن يتحول إلى قوة ذات شان في وجه الاستبداد والقوى القمعية، نحن نؤمن بهذا المشروع ونرى الحاجة الماسة إلى استنفار كافة الطاقات والجهود في سبيل إنجاحه، أما مشروع الفيدرالية فتطورت دعائمه وأهدافه ليشمل سوريا كافة وتكون تجربة للشرق الأوسط اجمع وانطلاقة ديمقراطية بدلا عن الدولة القومية الواحدة والحكم المركزي والتي ترتكز على تهميش باقي القوميات وقمعها وأصهارها، لذلك نحن ضد قيام أي دولة قومية ففي كلا المشروعين ستكون هناك كينونة كوردية وواقعا منظوما ملموس لا يمكن تجاهله.

من جهة أخرى كيف تنظرون للعلاقات الكردية الامازيغية وما هي ابرز نقاط التلاقي والتشابه بين الكورد والامازيغ سواء في المجال الثقافي أوالنضالي؟

أبرز نقاط التلاقي هي القضية متشابهة، والأهداف جميعها متشابهة تماما، فنضال الشعبين نضال سلمي وراقي لأبعد الحدود مطالبهما مبنية على الإنسانية والعدالة الاجتماعية والتضحية بالأرواح لأجل نيل حقوقهم المشروعة.
يمتاز كلا الشعبين بشجاعة لا نظير لها وخاصة، ف للشعبين شخصيات عظيمة سطرن ملاحم بطولية عبر التاريخ منها شجرة الدر سكينة بريفان ارين بارين افيستا ومن الامازيغيات ديهيا تنهنان لالا فاطمة انسومر .. ومن الملفت للنظر اغتيال الناشطين السياسيين واعتقال منهم وزجهم في أقبية الأنظمة الفاشية وطريقة اعتقال القائد الزفزافي مشابهة لاعتقال القائد أوجلان مبتغيين كسر إرادة الشعبيين ومن حيث الثقافة والمعاناة، فالشعبان متشابهان.

اسمين في كلمة

المقاتلة بارين كوباني:

بارين تمثل إرادة المرأة الحرة بشكل عام هذه اللبؤة التي واجهت حلف الناتو بسلاحها البسيط عندما قررت أن تكون في الخطوط الأمامية الأولى للدفاع عن أرضها وعرضها حتى أخر رمق، وأوفت بالوعد ولم تنسحب حتى حظيت بمرتبة الشهادة لكن الجيش التركي وبمساعدة المليشيات والمرتزقة قاموا بالتنكيل بجثمانها انتقاما لما أبدته من بطولة في وجه نيرانهم فقاموا بتهشيم جثتها وتعريتها أمام وجه العالم لكسر إرادة المقاتلات والنساء جاهلين تماما الإرادة المنبثقة من قطرة دم كل شهيد فشهادة بارين أشعلت نيران الثأر والغضب وأفسحت مجال لانضمام عشرات الشابات والشبان لأخذ بثأر بارين .

المقاتلة بريفان ساسون التي فضلت الانتحار على الأسر لدى «داعش»:

ساسون أدركت أن الأسر هو موطن ضعف وكسر للإرادة الحرة، تعهدت وأوفت بالعهد ماضية على خطى رفيقات دربها اللواتي فضلن الشهادة على الاستسلام، فمن أهم مبادئ مقاتلاتنا ترك أخر رصاصة أو لغم لنفسها متفادية شجع العدو في اسر حريتها وهذا ما تجلى لدى بريفان ساسون.

حاورها: منتصر إثري

شاهد أيضاً

حوار مع ذ. كمال أقا باحث بمركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية

يهدف الدليل إلى تنمية وتقوية قدرات مستعمليه/مستعملاته فيما يتعلق بتدريس اللغة الأمازيغية  س①: في البداية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *